إن عقد الإيجار من العقود المهمة والتي نتداولها في حياتنا اليومية كثيراً ونتبادل فيها الأدوار فتارة نكون مستأجرين وأخرى مؤجرين وبصور شتى، ومن هذه العقود عقد إيجار العقار، فهذه العقود أولتها التشريعات أهمية خاصة لأنها تتعلق إما بمحل عمل المستأجر أو محل سكناه وكلاهما من الأمور التي لا يستغني عنها أي فرد، ولم يقتصر الأمر على المنظومة القانونية العراقية فحسب، بل اهتمت به الكثير من الدول والتي سبقت العراق بذلك المضمار، أما في العراق فإن عقود الإيجار كانت تخضع للأحكام الشرعية وعلى وفق الشريعة الإسلامية التي كانت في زمن الدولة العثمانية تنشر بواسطة مجلة الأحكام العدلية، التي تمثل موسوعة الأحكام المنظمة للمعاملات ومنها عقود الإيجار وكانت هذه المجلة تجمع فيها الأحكام الشرعية الصادرة على وفق المذهب الحنفي الذي كان مذهب الدولة العثمانية الرسمي آنذاك، ثم بعد ذلك قننت أحكام إيجار العقار بموجب القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 المعدل وحدد الالتزامات المتقابلة بين طرفي العلاقة العقدية لعقد الإيجار وكان الأصل فيه الالتزام بالمدد المحدد في صلب العقد ومقدار الأجرة المثبت فيه وسرى ذلك لغاية صدور قانون إيجار العقار رقم 67 لسنة 1973 الذي اخرج العقارات المستأجرة من القانون المدني ونظم أحكامها بشكل منفرد تحت وازع وتبرير طرح في حينه واستمر الحال لحد الآن على الرغم من صدور أكثر من تشريع أما ناسخ أو معدل لما سبقه وكلها كانت تدور في فلك حماية المستأجر من المالك وفرضت التزام على المالك لا يد له فيه بتمديد العقد إلى ما لا نهاية بمعنى التأبيد وبذات الأجرة المقدرة ابتداء، وان كان التعديل الأخير حدد تلك الحماية بثمانية سنوات وأعطى للمالك حق طلب زيادة الأجرة بعد مرور مدة خمسة سنوات على ابتداء العقد، ولغرض معرفة التزامات كل طرف بموجب هذه القوانين وحتى نتمكن من الوصول إلى إيجاد حل لخلق توازن بين حق المستأجر في السكن وحق المالك في الانتفاع، لذلك سأعرض الأمر في مبحثين مختصرين نسبياً: الأول يتعلق بمفهوم الشريعة الإسلامية للإجارة والغاية من ذلك تتجلى في معرفة الأساس الذي أنشئ بموجبه حكم الالتزام بين المالك والمستأجر، والمبحث الثاني العرض القانوني لأحكام عقد الإيجار، ومن ثم خلاصة أبين فيها الرأي والمقترح لمعالجة هذا الاختلال في التوازن بين حق المالك في الانتفاع بملكه وحق المستأجر في السكن
No comments:
Post a Comment