بحث في الموقع

Saturday, July 10, 2010

الأردن - قانون الانتخاب يخيب آمال الإصلاحيين

الأردن - قانون الانتخاب يخيب آمال الإصلاحيين
التاريـخ: 10/7/2010
المصدر: الأردن - جريدة: القبس
ديما طوقان طباع


بعد الدعوات والمناشدات التي أطلقها المجتمع الأهلي طوال أشهر، أقر الملك عبدالله اخيرا قانونا انتخابيا جديدا، استعدادا للانتخابات التي ستجرى في الخريف لاختيار برلمان جديد مكان البرلمان الذي حُلّ في نوفمبر 2009.


وفي خطوة أثارت استياء الإصلاحيين الأردنيين، يبقي القانون المعدل على نظام الصوت الواحد المثير للجدل الذي يصوت المواطن بموجبه لمرشح واحد. وفي حين يغير القانون طريقة تقسيم الدوائر، يظل تقسيمها لمصلحة جماعات معينة مصدر قلق أساسيا.


يزيد القانون الجديد عدد مقاعد مجلس النواب من 110 إلى 120، ويبقي على نظام الصوت الواحد المعتمد في الانتخابات، الذي يقول الإصلاحيون إنه ينتج ممثلين قبليين ذوي اهتمامات محلية صرف. كما يعتمد القانون الجديد تسمية «الدوائر الانتخابية» بدلا من مناطق الانتخاب. ويقسم كل دائرة انتخابية إلى دوائر فرعية من مقعد واحد على أن يساوي إجمالي عدد المقاعد في الدائرة الانتخابية عدد المقاعد التي كانت مخصصة في الأصل لمنطقة الانتخاب، ما عدا في الدوائر الانتخابية الأربع التي أضيفت فيها مقاعد. فعلى سبيل المثال، كانت لمنطقة الانتخاب الثالثة في عمان خمسة مقاعد. وبموجب القانون الجديد، قسمت هذه المنطقة إلى خمس دوائر فرعية.


كبح القبلية أم تعزيزها؟!


تقول الحكومة إن النظام الجديد يهدف إلى كبح القبلية، لأنه لا يعين حدودا جغرافية للدوائر الفرعية. الناخبون سيسجلون في الدوائر الانتخابية، وسيكون بإمكانهم التصويت للمرشحين الذين يتنافسون في أي من الدوائر الفرعية التابعة لدائرتهم الانتخابية. ومن جهة أخرى، سيكون على المرشح أن يختار دائرة فرعية واحدة للترشح فيها، ولا يمكنه تحديد من سيصوت في الدائرة التي يختارها.


لكن بعض المحللين السياسيين يرفضون الزعم الحكومي بأن النظام الجديد سيكبح القبلية. ويتوقعون بدلا من ذلك أنه مع اعتماد الدوائر الفرعية الأصغر، سيتكل المرشحون أكثر على انتماءاتهم القبلية ويشنون حملتهم وسط مجموعة أصغر من الناخبين المنطلقين من اعتبارات عائلية. وفي غضون ذلك، يتوقع أن تحاول القبائل تقسيم المقاعد في ما بينها قبل الانتخابات، الأمر الذي من شأنه أن يؤجج التشنجات بين القبائل وداخل القبيلة الواحدة. في الواقع، وبتشجيع من سياسة الاسترضاء التي تنتهجها الحكومة منذ وقت طويل، تتصرف بعض هذه القبائل وكأنها فوق القانون. ويعتبر محللون آخرون أن جبهة العمل الإسلامي، الحزب السياسي الأقوى والأكثر تنظيما في الأردن، هي أيضا في موقع يتيح لها استغلال النظام الانتخابي لمصلحتها.


أي نظام أفضل؟!


تتضمن الزيادة في المقاعد منح أربعة مقاعد إضافية لمدن عمان والزرقاء وإربد. وليس الهدف من هذه الزيادة مواكبة التغييرات السكانية، بل أضيفت المقاعد كي تلبي جزئيا -على الأقل- أحد المطالب الأساسية للإصلاحيين، الذين لطالما طالبوا بتعديل توزيع المقاعد، الذي يميل لمصلحة المناطق الأكثر قبلية وريفية وذات الكثافة السكانية المنخفضة -حيث الدعم للحكومة قوي- على حساب المناطق المدنية ذات الكثافة السكانية المرتفعة، حيث يعيش إجمالا الإسلاميون والأردنيون من أصل فلسطيني. وتتضمن الزيادة أيضا منح ستة مقاعد إضافية للكوتا النسائية، مما يؤدي إلى رفع مستوى تمثيل النساء في مجلس النواب إلى تسعة في المائة، أي المعدل الموجود في بلدان عربية أخرى.


كان رد فعل الرأي العام على القانون الجديد خافتا. فالأردنيون غير مطلعين على الخيارات الانتخابية وعدم ملاءمة النظام الحالي. فضلا عن ذلك، ليس هناك إجماع حتى بين الإصلاحيين حول النظام الانتخابي الأمثل الذي يجب اعتماده، وليست هناك بالتالي رسالة واضحة تمكن ترجمتها الى حملات توعية لتثقيف الناخبين. ففي حين أوصت لجنة الأجندة الوطنية لعام 2005 التي كلفها العاهل الأردني تحديد أولويات الإصلاح في المملكة، باعتماد نظام مختلط يبقي على تمثيل الدوائر الانتخابية إنما يعتمد التمثيل النسبي واللوائح الحزبية، اقتصر هذا الإجراء على مجموعة من أعضاء النخبة السياسية الذين عينهم الملك، ولم يبذل أي مجهود لتثقيف المواطنين بشأن مضمون الأجندة. وقد كشف استطلاع أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية الأردني عام 2007، الثغرات في فهم الرأي العام للنظام الانتخابي. ففي حين أعطى المستطلعون التصنيف الأعلى لبرلمان 1989 - 1993، الذي انتخب عن طريق نظام تصويت الكتلة (الذي يصوت فيه الناخب لعدد من المرشحين يوازي عدد المقاعد في دائرته الانتخابية)، والتصنيف الأدنى للبرلمانات التي اختيرت عن طريق نظام الصوت الواحد، لم يستطيعوا أن يحددوا بوضوح ما هو النظام الانتخابي الأفضل للأردن.


القضية الفلسطينية


كان لسياسة الهوية أيضا دور في رد الفعل العام على النظام الانتخابي الجديد. فالنخبة التقليدية في الضفة الشرقية التي تشكل القاعدة السياسية للملكية، قلقة من أن يتم في نهاية المطاف حل المسألة الفلسطينية على الأراضي الأردنية، ولذلك تحاول منع الإصلاحات التي يمكن أن تعزز النفوذ السياسي للأردنيين من أصل فلسطيني والفلسطينيين المهجرين. وقبيل كشف النقاب عن القانون، أصدرت اللجنة الوطنية للمتقاعدين العسكريين (وهي لجنة ينتخبها ضباط الجيش المتقاعدون) بيانا اتهمت فيه الحكومة بالإذعان إلى الضغوط الأميركية والإسرائيلية الهادفة إلى توطين الفلسطينيين في الأردن. ويتبين من توقيت صدور البيان أن الهدف منه كان تنبيه الإصلاحيين إلى عدم الضغط كثيرا لإجراء تغييرات انتخابية. لكن لا تجب المبالغة في التركيز على سياسة الهوية. فليست هناك إحصاءات سكانية موثوقة تظهر حجم المجموعات المتنوعة داخل الأردن، ولا استطلاعات حول رأيها في هذه المسألة، غير أن مجموعات عدة لا تزال تحاول لعب الورقة الديموغرافية.


كان بإمكان الحكومة فعل المزيد لإصلاح القانون الانتخابي، مع أخذ المخاوف بشأن دور الأردنيين من أصل فلسطيني والحركة الإسلامية في الاعتبار، ومن دون تحدي الوضع القائم لمجلس نواب طيع، يملك -أصلا- صلاحيات محدودة في التشريع والمراقبة. كان بإمكانها أن تقدم تنازلا صغيرا، وتلبي مثلا مطالب الإصلاحيين بالعودة إلى نظام انتخابي مختلط. حتى ان إضافة عشرة مقاعد إلى مجلس النواب يتم اختيارها عن طريق التمثيل النسبي، كما اقترح الصحافي المرموق جميل نمري، الذي ينوي الترشح في الانتخابات المقبلة، كانت لتمنح الأحزاب السياسية والزعماء القبليين على السواء، محفزا للعمل معا على وضع برامج حول السياسات. لم يكن هذا التعديل ليحدث تغييرا في التركيبة الديموغرافية لمجلس النواب، بل كان ليشكل خطوة إيجابية نحو دعم ثقافة ديموقراطية وجعل الخطاب الإصلاحي للحكومة يقترن بأفعال ملموسة.
* ينشر بترتيب مع نشرة الإصلاح العربي الصادرة عن مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.

No comments:

Post a Comment