- ما هو المعيار الاساسي القائم عليه حرية الصحافة؟او ما هو المعيار الاساسي القائم عليه
حق الدولة في المصادرة- هل اتهام
جريدة ما ،او اي وسيلة مطبوعة ، بنشر اخبار كاذبة او مفبركة كفيل بإغلاقها او
بحبس الصحفيين؟؟ - و حتى و إن ثبت صحة الخبر الذي نشر في مطبوع ما و قد اثار جدل الرأي العام ، هل من حق الجريدة الخوض في مثل هذه المسائل ، و هل من
حق الدولة مصادرة المطبوع حتى بعد ثبوت صحة ما نشر؟؟
- هل يمكن تجزئة حرية الصحافة ؟ و ما هو السند القانوني الذي يصدر على إثره اغلاق صحيفة أو منع نشر خبر ما؟؟؟
هذه هي اكثر التساؤلات التي تطرح في ذهن القارئ مؤخرا و خاصة مع ازدياد حالات غلق الصحف و منع نشر اخبار بعينها و فرض الرقابة على الموضوعات الصحفية قبل الطبع و التوزيع.
و لعل أبرز
الجرائم التي تنال بالاعتداء على حق الشخص في صيانة شرفه و اعتباره و سمعته بين الناس هي
جرائم البلاغات الكاذبة ، و
إفشاء الاسرار ، و
السب و القذف، إلا أن الجريمتين الاخيرتين دائما ما يقعان ضمن الجرائم الصحفية المضرة بالافراد ، أما البلاغ الكاذب و إفشاء الاسرار فلا يقعان عادة بطريق النشر في
الصحف و المجلات.
و ما يثير تضارب الرؤى و الافاكار لدى القارئ ان هناك مواد تتحدث عن عقوبة هاتين الجريمتين السب و القذف و ارتباطهما بالموضوعات الصحفية من جهة ، إلى جانب مواد قانون تتحدث عن
حرية الراي و التعبير و الحق في الحصول على المعلومات و تداولها بين الافراد من جهة أخرى.فليس من شك أن حق الفرد في صيانة شرفه و اعتباره و مكانته بين الناس هو من الحقوق اللصيقة بشخص الانسان ، و لكن كيف يمكن تحقيق ذلك و ان ينعم كل شخص بهذا الحق دون المساس بالحق الاخر و هو
حق تداول المعلومات الصحيحة حتى و لو كانت تمس شخص الفرد؟؟
و للمرور سريعا بآخر القضايا التي على إثرها تم إغلاقجريدة من الجرائد المصرية و تعرض صحفييها للحبس و إخضاعهم للتحقيقات هي قضية
الفنان نور الشريف التي نشرت "
بجريدة البلاغ الجديد" حول ضبطه ضمن شبكة للمثليين ، و التي قرر
المجلس الاعلى للصحافة منع طباعة الجريدة و إلغاء رخصتها ، و هو ما يعني تباعا إغلاقها، و ذلك بعد فترة قصيرة من إصدار
وزارة الداخلية نفيا قاطعا لصحة هذا الخبر ،و قد تسارعت وتيرة القضية بعد ان تدخلت الدولة بقوة لمنع طبع الجريدة ، ليتجدد الجدل بشأن حدود حرية الصحافة و الضوابط التي تحكمها، و التجاوزات التي تقع فيها احيانا .
و نحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن صاحب القضية الملقى عليه الاضواء ، ولا بصدد الدفاع عن الجريدة، و انما الهدف الاساسي هو الوقوف على الخروقات التي تحدث بحق القانون، فالغريب في هذه القضية ان التحقيقات مازالت قائمة و مع ذلك اتخذ هذا القرار من قبل المجلس الاعلى للصحافة
بإغلاق الجريدة بالكامل و منع النشر .
لذلك ، كان من الهام عرض أبرز القوانين التي تخضع لهاحرية الصحافة و النشر و الوقوف على اهم الانتقادات التي وجهت لها :
1-
قانون المجلس الاعلى للصحافة رقم 96 لسنة 1996 بشأن حرية الصحافة
2-
قانون المطبوعات رقم 20 لسنة 1936 3-
قانون الاحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1997
4-
قانون رقم 96 لسنة 1960 و هاتين المادتين من
الدستور المصري القائمتين على حرية الرأي و التعبير فتنصان على :
- المادة (47): "
حرية الرأي مكفولة ، و لكل انسان عن رأيه و نشره بالقول أ, الكتابة او التصوير او غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون و النقد الذاتي و النقد البناء ، ضمانا لسلامة البناء الوطني"
- المادة (48):"
حرية الصحافة و الطباعة و النشر و وسائل الاعلام مكفولة و الرقابة على الصحف محظورةو إنذارها و وقفها او إلغاؤها بالطريق الادري محظور ،و يجوز استثناءا في
حالة الطوارئ او في زمن الحرب ان يفرض على الصحف و المطبوعات و وسائل الاعلام رقابة محددة في الامور التي تتصل بالسلطة العامة او اغراض الامن القومي و ذلك كله وفقا للقانون "
و قد وجهت انتقادات عديدة لهذه المواد بأن هناك عبارات مقيدة مثل " و في حدود اقلانون " او "ربما يتفق مع القانون " او "بالشروط التي يحددها القانون " .
و بشأن تدخل وزارة الداخلية في اعمال
الرقابة على الصحف و المجلات ،
ومنع نشر بعض الاخبار و ربما غلقها ايضا ، فإن القانون رقم 96 الخاص بالمجلس الاعلى للصحافة سنة 1996 ، فإن للمجلس
حق اصدار الصحف و له
سلطة الوصاية و الاشراف على الصحفيين و المؤسسات الصحفية من حيث
الصلاحيات التي اعطيت لها، منها متابعة و تقييم ما تنشره الصحف و اصدار تقارير دورية عن مدى التزامها بآداب المهنة و ميثاق الشرف الصحفي .
اما بالنسبة لاختصاص وزير الداخلية ، فمن حقه – بموجب المادة (21) من
قانون المطبوعات ان يمنع عددا معينا من جريدة تصدر في الخارج من الدخول او التداول داخل مصر ، و قد مثلت هذه المواد نوعا من مظاهر الترخيص للجهة الادارية للتدخل في شؤون الصحافة و المطبوعات ،و ان يتم اتخاذها كذريعة لمنع تداول عدد معين من الصحف تحت زعم تعرضها للاديان او اثارتها للشهوات في حين قد يكون الدافع الاصلي للمنع هو التضييق على حرية الرأي.
و الاهم من ذلك انه يجوز
ضبط الصحيفة و مصادرتها في حالة مخالفة المواد (4,7,11,12,13,14,17,19) من قانون المطبوعات رقم 20 لسنة 1936 في حالة ارتكابها جريمة من الجرائم المخلة بأمن الحكومة .
و رغم الضمانة التي كفلتها المادة (198) من
قانون العقوبات بضرورة عرض
أمر الضبط و المصادرة على النيابة ، حيث لا بد ان يعرض الامر على رئيس
المحكمة الابتدائية ليصدر الامر بالموافقة على المصادرة او الافراج عن الجريدة حيث ان قرار رئيس المحكمة بالمصادرة نهائيا و بالتالي فإن القانون يكون صادر الجريدة و على حق الافراد في اللجوء الى القضاء الطبيعي مباشرة.
كما ان قانون الطواريء رقم 162 لسنة 1958 فرض قيودا على حرية لارأي و التعبير بأن يتم مراقبة المواد الصحفية قبل نشرها و ضبطها و مصادرتها و تعطيلها و اغلاق مكان طبعها على ان تكون الرقابة على الصحف و المطبوعات في يد وزارة الداخلية .
و يتم
الغاء الصحيفة في حالتين : 1\ اذا لم تصدر الجردية خلال الثلاثة اشهر التالية للإخطار بصدورها او عدم الانتظام في الصدور ، 2\ او في حالة
ادانة رئيس التحرير بجريمة من جرائم النشر و ألزمه ذلك الحكم بنشر حكم الادانة في صدور صحيفته خلال الشهر التالي لصدور الحكم.
و ربما يتساءل البعض عن وضع حرية تداول المعلومات و حق الرفد في المعرفة و الحصول على المعلومة من هذه المواد التي يعتبرها بعض المراقبون بأنها تغل يد الصحافة و تقيدها فغنهم على الصعيد الاخر هناك ما يتعلق بالالتزامات و الحقوق التي لا يلتزم بها الصحفي بالواجبات المهنية :1\ الدقة في توثيق المعلومات و الاقوال و الافعال لمصادر معلومة كلما كان ممكنا، 2\
عدم اتهام المواطنين بغير سند3\ المسؤولية الجماعية و الفردية في
الحفاظ على كرامة و مهنة الصحافة و عدم الاستغلال الشخصي للعمل الصحفي، 4\ الالتزام في النشر بمقتضيات الشرف بما لا ينتهك حقوق المواطنين او يمس حرياتهم.
ولعل اخر بند يتعلق بعدم -
انتهاك حقوق و حريات الاخرين – توجه انظارنا الى المادة23 من قانون العقوبات :" يعد قاذفا كل من أسند لغيره بوساطة احدى الطرق المبينة بالمادة 17 من هذا القانون امورا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من اسندت اليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا او اوجبت احتكاره عند اهل وطنه"
و لا يقبل من القاذف اقامته دليلا لإثبات صحة ما ذف الا في الحالة التالية(الطعن في اعمال موظف عام او شخص ذي صفة نيابية او مكلف بخدمة عامة لا يدخل تحت حكم هذه المادة اذا حصل الطعن بسلامة نية و لا يتعدى اعمال الوظيفة او النيابة او الخدمة العامة و بشرط اثبات حقيقة كل سند اوفعل اسند اليه ).
و جدير بالذكر انه لا يشترط في الواقعة المسندة ان تكون كاذبة ، ذلك ان اسناد واقعة تكون جريمة او توجب احتقار من اسندت اليه يعد قذفا ، حتى و لو كانت هذه الواقعة صحيحة، فقانون العقوبات يعاقب في القذف و السب على المساس باعتبار الاشخاص و التشهير بهم و هو ما يتحقق بإسناد واقعة مشينة الى شخص معين صحيحة كانت او كاذبة .
و في النهاية ، لا يمكن تفسير ما يقوم به القاذف بأنه
حرية الرأي في الشريعة الاسلامية ، لان حرية الرأي في الاسلام ليست مطلقة ، بل هي مقيدة يعدم التعارض مع مقاصد الشريعة الاسلامية و بالتالي بعدم الإضرار بمصالح الجماعة او الاساءة الى الاخرين ، فلا ضرر و لا ضرار، فللفرد الجهر بالحق و اسداء النصيحة العامة او الخاصة فيما يحقق نفع للمسلمين و يصون مصالح الفرد و المجتمع، و لكن هناك
قيود و ضوابط لا يمكن تجاوزها في هذا الامر ، منها ان تمارس هذه الحرية بأسلوب سلمي قائم على الدعوة الى الله بالحكمة و الموعظة الحسنة.
مصادر هذا الموضوع:
كتاب الجرائم الصحفية \ الجزء الثاني(للمستشار شريف كامل )