تتميز البيئة التجارية بالسرعة في المعاملات ومواكبة التطور خاصة في مجال العمليات المصرفية بصفة عامة ومجالات استخدام وسائل الدفع الحديثة بصفة خاصة، إذ ظهرت بدائل متعددة عن الوفاء النقدي منها ما أصبح تقليدياً حالياً كالوفاء بالأوراق التجارية سواء حوالة تجارية أو كمبيالة أو صك عادي ومنها ما هو آلي بدون تداول النقود الورقية، وهي من بين ما يطلق عليه حالياً وسائل الدفع الالكترونية الحديثة. ولعل من أبرز وسائل الدفع الإلكترونية ما يعرف بالصكوك الإلكترونية (Electronic Checks) والتي تعتبر أداة جديدة للدفع الإلكتروني، وأحد نتاج الثورة التكنولوجية كوسيلة لتسوية المعاملات المالية وإبرام الصفقات عبر الإنترنت، خاصةً بعد أن تراجعت ثقة الناس بالتعامل بالصكوك العادية،على المستوى المحلي والإقليمي والدولي مما أدى إلى تجنب الناس التعامل بالصكوك، كما أن بروز ظاهرة ارتداد الصكوك لعدم وجود رصيد قائم وكافٍ يغطي قيمتها أدى إلى ضغط كبير على السلطتين القضائية والتنفيذية، لذا كان الدافع وراء هذا الاختراع إرجاع الثقة إلى التعامل بالصكوك كما كانت في السابق، وإعادة الثقة المتبادلة بين الساحب والمستفيد والتي فقدت بسبب الصكوك المتداولة حالياً. كما نرمي من هذا البحث أن نبين أن الصك الالكتروني هو محل ثقة وضمان لأنه يعتبر أداة نقدية يمكن الوثوق به، وهو يمكن أن يحل محل النقود ويكون بديلاً عنها. ولهذا الموضوع أهمية نظرية وعملية في أن واحد، ويعود ذلك إلى أنه على الرغم من أن الصك الالكتروني لم تنظم أحكامه في التشريعات العربية المقارنة، إلا أن تلك الفكرة وجدت صداها في قانون المعاملات الالكترونية الأردني رقم (85) لعام 2001 م، في الفصل الخاص بالسند الالكتروني القابل للتحويل؛ وهذا ما نصت عليه صراحة المادة (19) منه بأنه: (( ب- إذا أمكن استرجاع البيانات الواردة على صفحتي الشيك يعتبر الاحتفاظ بالشيك الكترونياً وفقاً لأحكام المادة (8) من هذا القانون إجراء قانونياً. – ج- لا تسري أحكام المواد (20)، (21)، (22)، (23)، (24) من هذا القانون على الشيكات الالكترونية إلا بموافقة البنك المركزي تحدد أسسها بمقتضى تعليمات يصدرها لهذه الغاية)). كما نجد أن مشروع قانون المعاملات الالكترونية السوداني لعام 2006 م، أشار للصك الالكتروني عندما عرف وسيلة الدفع في المادة الثانية المتعلقة بالتعريفات بالأتي:-(( وسيلة الدفع الالكتروني يقصد بها الوسيلة التي تمكن صاحبها من القيام بعمليات الدفع المباشر كليا أو جزئيا عن عبر الشبكات. وتشمل تلك الوسائل الشيك الالكتروني وصور الشيك أو بطاقات الدفع وغيرها من الوسائل)). كما أن إمكانية زيادة استخدامها وتداولها في الواقع العملي مستقبلاً، لابد أن يثير في أحيان معينة بعض المنازعات سواء بين المسحوب عليه(المصرف) ومستخدم هذه الصكوك الالكترونية للوفاء بالتزام، أو بين احدهما والتاجر (الدائن). فكان هذا حافزاً نحو اختيار هذا الموضوع، وأصبح هدف هذه الدراسة هو أبراز الجوانب القانونية لنظام الصك الالكتروني، للأهمية الكبيرة التي تحيط بهذا النظام مستقبلاً. ونرجو أن يكون هذا البحث لبنة في المكتبة القانونية العربية كدراسة متخصصة بهذا الصدد لغرض الوصول إلى هذا الهدف. إن هذا الموضوع يقتضي منا أن نحدد مفهوم الصك الالكتروني وذلك في المبحث الأول، ثم سنتناول وضع نظام الصك الالكتروني موضع التطبيق في المبحث الثاني، لنبين في نهاية البحث النتائج التي نتوصل إليها. ولابد من التنويه ابتداءً إننا لم نجد مصادر مباشرة تعالج هذا الموضوع وبصورة عامة، وذلك لجدته، وبذلك حاولنا أن نستفيد من الموضوعات التي تتداخل معه، كالقواعد الخاصة بالصك في القانون التجاري، وما كتب بصدد وسائل الدفع الالكترونية الحديثة. وحاولنا في ظل تصور ما يحدث عملياً بيان الجوانب القانونية المختلفة لهذه الصكوك الالكترونية.
ملخص من بحث للدكتور:نصير صابر لفتة الجبوري
No comments:
Post a Comment