قانون الجمعيات الأهلية...أعمال تطوعية و إصلاح اجتماعي مع إيقاف التنفيذ
- هل آن أوان الجمعيات الأهلية لأن تلعب دورا سياسيا – اجتماعيا في ظل غياب الاحزاب السياسية في مصر؟
- هل يمكن أن يتعاظم دور الجمعيات في إصلاح المجتمع بدلا من الحكومة؟
- لماذا يتجاهل نواب المجلس الشعب القانون رقم 84 لسنة 2002 بالرغم من كثرة المطالبات بتعديله؟
- هل تطمح الجمعيات الاهلية في الاصلاح السياسي؟ او هل يمكن ان يمتد دور الجمعيات من الاصلاح الاجتماعي للسياسي؟
- كيف يمكن ان يساهم التشريع في الارتقاء بمستوى العمل التطوعي؟
من غير المتوقع ان تتوقف المطالبات بتشريعات قانونية جديدة ، طالما تواجدت الجهات والهيئات التي تحرص على انه مازال للقانون قوة يهابها افراد المجتمع وطالما كانت هناك الحاجة الملحة لتحسين سلوكيات الافراد وتنمية المجتمع الذي يعيشون فيه. ومن ابرز هذه المطالبات تلك التي اعدها المجلس القومي لحقوق الانسان في دراسة تطالب بتعديل 17 مشروع ابرزهم قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956 والتي تتعارض مع المعايير الدولية خاصة في الجزء الخاص بحرمان المواطن المفصول فصلا تأيبيا من مباشرة حقوقه السياسية بمجرد صدور القرار دون انتظار صدور حكم قضائي من المحكمة وحرمانه من هذا الحق لخمس سنوات متواصلة من تاريخ الفصل ،بالاضافة الى تعديل قانون العمل رقم 12 لسنة 2000 والقوانين المنظمة للحق في العمل ، و قانون الادارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 واكدت ان مواد هذا القانون تفقد المجالس المحلية استقلاليتها بإخضاعها لسلسلة من حلقات الوصاية الادارية.
ولكن ابرز ما جاء على رأس هذه التشريعات هوقانون الجمعيات والمؤسسات الاهلية رقم 84 لسنة 2002، اذ طالبت الدراسة بتعديل عدد من مواده لما تشكله من عواقب امام انشاء الجمعيات والمؤسسات الاهلية بدءا بالاجراءات المعقدة للتأسيس مرورا بالبحث في النوايا والبواعث الداخلية للمؤسسين ومنح وزير التضامن الاجتماعي حق حل الجمعية بقرار مسبب دون ان يكون الحل بناء على حكم من المحكمة، الى جانب التدخل لتحديد نصاب لمجلس ادارة الجمعيات الاهلية، لذا كان من الهام معرفة النقاط التي يقف عليها منتقدو هذا القانون وابرز السلبيات التي تحول دون تأسيسها في مصر بشكل يتيح لها ان تلعب دورا حيويا في تطوير المجتمع وتنميته واثبات عدم انحسار الدور التنموي على الاجهزة الحكومية فقط، إلا انه من المهم معرفة مدى تشابهه مع القانون رقم 32 لسنة 1964 وهو القانون الذي يسبق قانون الجمعيات والمؤسسات الاهلية رقم 84 لسنة 2002 ومعرفة ماهية " الجمعية " وتاريخ نشأة الجمعيات في مصر، ودورها في الارتقاء بالمجتمعات.
ان القانون رقم 84 لسنة 2002 هو قانون ألغي على إثره قانون الجمعيات الاهلية رقم 32 لسنة 1964، كما الغي كل نص يخالف احكامه، ويعرف هذا القانون " الجمعية " وفقا للمادة الاولى بأنها: كل جماعة ذات تنظيم مستمر لمدة معينة او غير معينة تتألف من اشخاص طبيعية او اعتبارية او منهما معا لا يقل عددهم في جميع الاحوال عن عشرة اشخاص ولا تهدف الى الربح المادي، كما يعرف القانون "مؤسسي الجمعية" بأنهم الاشخاص الطبيعيين او الاعتباريين الذين يشتركون في انشائها ويوقعون على نظامها الاساسي، فإذا كانوا قد أعدوا وثيقة تأسيسها وجب ان تتضمن تلك الوثيقة تحديدا لغرض الجمعية ونطاق عملها الجغرافي وان يوقع عليها جميع المؤسسين.
ولا يجوز – وفقا لهذا القانون – ان يشترك في تأسيس هذه الجمعية من صدر ضده حكم نهائي بعقوبة جنائية او بعقوبة مقيدة للحرية في جنحة مخلة بالشرف او الامانة ما لم يكن قد رد اليه اعتباره، كما جاء في مادته الرابعة ان ينص النظام الاساسي للجمعية على ايلولة اموالها عند انقضائها لغير صندوق اعانة الجمعيات والمؤسسات الاهلية او لإحدى الجمعيات او الاتحادات الخاضعة لأحكامه.
ولربما كان أمر تعديل هذا المشروع مستعصي، او يمكن ان يكون غير هام بحيث لا يلتفت اليه النواب البرلمانيون للمطالبة بتعديل بعض مواده التي يرى البعض فيها شيء من تعسير انشاء الجمعيات، ويتضح ذلك من مطالبات المنظمة المصرية لحقوق الانسان الملحة، بإصدار قانون جديد للجمعيات الاهلية بديلا للقانون الحالي وذلك منذ خمس اعوام سابقة مضت على تقرير قد اصدرته هذه المنظمة والذي هدف الى ازالة القيود التي تعترض العمل الاهلي في مصر في ظل هذا القانون وكيفية العمل على ازالتها، مشيرا الى ان هذ القانون ما هو الا نسخة مكررة من قانوني الجمعيات رقم 32 لسنة 1964، وقانون رقم 53 لسنة 1999، بل اضيف اليه مزيد من القيود وذلك بإعطاء صلاحيات واسعة للجهة الادارية في تقييده بالامور التي تخص التأسيس او الانشطة او مصادر التمويل، كما رصد هذا التقري سلبيات هذا القانون المتمثلة في تقييد عمل المنظمات من خلال التوسع في النشاط المحظور على الجمعيات والمؤسسات والقيود على تأسيس الجمعيات، وعلى حق التقاضي وسلب اختصاصات الجمعية العمومية والتدخل في شؤون مجلس الادارة وحل الجمعيات بموجب قرار اداري من الوزير المختص والعقوبات السالبة لحرية العمل التطوعي، كما ان هذا التقرير قد تضمن اوضاع الجمعيات الاهلية التي تراجعت في ظل هذا القانون إثر حل عدد من الجمعيات ومخالفة ذلك للمواثيق الدولية لحقوق الانسان وكذلك الدستور المصري من ضماناته الاساسية للحق في التنظيم وحرية تكوين الجمعيات، فالمبدأ القانوني الذي ترتكز عليه حرية الجمعيات هو حق التأسيس دون الحاجة الى ترخيص او اذن مسبق، فالجمعيات تؤسس بمجرد اتفاق ادارة مؤسسيها ويجوز الاعلان عنها بمجرد الاعلام والاخطار المسبق ولا يمكن اخضاع التأسيس لأي تدخل مسبق من السلطة الادارية او القضائية، ولا أن تشكل إجراءات الاعلام او الاخطار عوائق أمام تأسيس الجمعيات.
No comments:
Post a Comment