المرافعة أمام محكمة جنايات الإسكندرية في قضية المحاماة جلسة 27-2-2006
لا يفوتنا في هذا المجال التقرير بأن العلاقة بين القضاة والمحامين هي علاقة وطيدة، عميقة، أزلية فهما يمثلان جناحي العدالة وبحق. فلا عدالة إن ضعف أو وهن أو ارتجف أو ارتعد أو مال أحد جناحيها فلا شك ستكون عدالة مهيضة الجناح. فكلما كان القضاء قوياً بعلمه شامخاً بخلقه وارفاً برحمته وتسامحه مستقلاً لا يخشى سلطان مستبد ولا رقيب عليه سوى ضمير يقظ وأحكام القانون والشرع كان قضاء صالح للحكم. وعلى الرغم من ذلك فلن يتحقق العدل ولن يستقيم الميزان إلا إذا استقامت كفتي الميزان ــ وهي لن تستقيم إلا في وجود محاماة قوية عالية الهمة لا تخاف ولا ترتعد ولا تخشى في الحق لومة لائم مصونة لا تمس. هذا الحديث لا ننفك نردده لأننا نؤمن به كما آمنت به الدساتير والقوانين التي حصنت المحامي عند أدائه لواجبه المقدس من أي نيل منه حتى ولو قارف جرماً أو ارتكب إثماً طالما كان من قبيل أداءه لرسالته السامية في الدفاع عن الحق والقانون. فها هو المشرع قد نص على المحامي شريك للقاضي في تحقيق العدالة إذ تنص المادة الأولى من قانون المحاماه على أن المحامي شريك للسلطة القضائية في تحقيق العدالة. وها هي محكمة النقض لا تراقب فقط أعمال المحاماة فإن وجدت أن الدفاع لم يكن جدياً أ أو لم يكن على المستوى الفني والعلمي والقانوني اللازمين لتحقيق العدالة فإنها سرعان ما تبطل إجراءات المحاكمة سواء لأن الدفاع غير جدي أو لأن المدافع لم يكن على درجة عليمة تؤهله للدفاع. إذن ما أسرفنا في ترديده لم يكن ضربا من ضروب الاعتداد بالمهنة السامية فحسب ولكنه إرساء لقواعد قانون حق وعدل وإنصاف لن تتحقق إلا بكلا الجناحين بالشريكين معاً القضاة والمحامين.
No comments:
Post a Comment